حَذَارِ من أن تُعطِيَ الماءَ مصابًا يَنزِف
هل تساءلتَ يومًا لماذا يُمنَعُ إعطاءُ المريضِ الماءَ بعد خروجهِ من غرفةِ العملياتِ؟
يَخرجُ المريضُ من غرفةِ العملياتِ ظمآنَ حَرَّان، وقد نالَهُ العطشُ ومَسغَبَةٌ، فتُقبلُ إحدى قريباتِهِ بمنحِهِ الماءَ، فتكونَ بذلكَ كقولِ الشاعرِ:
“المُستَجِيرُ من الظمأِ بعمرٍ، كالمُستَجِيرِ بالرَّمضاءِ بالنارِ.”
ولهذا البيتِ قصةٌ.
فهل تساءلتَ يومًا لماذا يمنعُ الطبيبُ مَنحَ الماءِ لمريضٍ ينزفُ؟
خلالَ فترةِ النزيفِ، يفقدُ المريضُ دمًا لا بأسَ بهِ، فيشعرُ بعطشٍ شديدٍ على الرغمِ من أنَّ أسموليةَ المُصوَّرَةِ لم تتغيرْ عن وضعِها الطبيعيِّ.
جدول المحتويات
ما هذا؟ لم أفهمْ: أسموليةٌ.. مُصوَّرَةٌ.. دمٌ؟!
الدمُ هو ذلكَ الكائنُ الذي يحملُ في خلاياهُ أسرارَ الحياةِ. يتكونُ هذا السائلُ الحيويُّ من البلازما، وهو العنصرُ السائلُ الذي تسبحُ بهِ باقي عناصرُهُ الأخرى: خلايا الدمِ الحمراءُ والبيضاءُ والصفيحاتُ.
أما الأسموليةُ فهي مقياسٌ لتركيزِ الجسيماتِ المذابةِ في محلولٍ، وتعبّرُ عن عددِ الأوزمولاتِ (المولاتِ من الجسيماتِ المذابةِ) في لترٍ من المحلولِ.
الآليةُ التي تحدثُ عندَ النزفِ
يفقدُ المريضُ جزءًا لا بأسَ بهِ من دمِهِ، ولكنَّ الأسموليةَ تبقى كما هي لا تتغيرُ. ومَنحُ الماءِ المريضَ يعني تعويضَ الجزءِ السائلِ من الدمِ فقط، دونَ الجزءِ الخلويِّ منهُ.
فيرسلُ دمُكَ إشارةً إلى مراكزِ تصنيعِ قسمِ الكرياتِ الحمراءِ والبيضاءِ تُخبرُهُ أنَّهُ عُوِّضَ النقصُ ولم يَعُدْ هناكَ حاجةٌ لتكوينِ المزيدِ منها.
لكنْ مهلًا، هل عوَّضَ جسمُ المريضِ النقصَ الحادَّ بكرياتِ الحمرِ والبيضِ؟
طبعًا لا! أنتَ منحتَهُ الماءَ، ضحكتَ على نقيِّ العظامِ فأسكتَّهُ ومنعتَهُ من الاستمرارِ بعملِهِ في تكوينِ المزيدِ من الخلايا.
وقد يحدثُ ما هو أسوأُ: أن تمنحَ المريضَ الكثيرَ من الماءِ، فيحدثَ تحللُ دمٍ وإجهادٌ لعملِ القلبِ.
أما عن قصةُ البيتِ
يُحكى أنَّ البَسوسَ بنتَ يعدِ خالةَ جسَّاسِ بنِ مرَّةَ كان لها جارٌ من جَرْمٍ، يقالُ له: سعدُ بنُ شمسٍ. وكانتْ له ناقةٌ يقالُ لها سَرَابُ.
وكان كليبُ بنُ وائلٍ قد حمى أرضًا من أرضِ العاليةِ في مُستقبَلِ الربيعِ، فلم يكنْ يرعاها أحدٌ إلَّا جسَّاسٌ لمصاهرةٍ بينهما، لأنَّ جليلةَ بنتَ مرَّةَ أختَ جسَّاسٍ كانتْ تحتَ كليبٍ.
فخرجتْ ناقةُ الجَرميِّ ترعى في حِمى كليبٍ مع إبلِ جسَّاسٍ، فأبصرَها كليبٌ فأنكرَها، فرماها بسهمٍ فأصابَ ضَرْعَها.
فوَلَّتْ حتَّى بركتْ بفناءِ صاحبِها وضرعُها يَشخُبُ لبنًا ودمًا. فلمَّا نظرَ إليها صاحَ: “واذُلَّاهُ وذُلَّ جاراهُ”، فخرجتْ جارتهُ البَسوسُ. فلمَّا رأتِ الناقةَ ضربتْ يدَها على رأسِها وصاحتْ: “واذُلَّاهُ”.
فسمعَها جسَّاسٌ فقالَ: “اسكتي أيتها المرأةُ فَلَيُقتَلَنَّ جملٌ عظيمٌ هو أعظمُ من ناقةِ جارِكِ”، ولم يزلْ جسَّاسٌ يتوقعُ غِرَّةَ كليبٍ حتَّى خرجَ كليبٌ لا يخافُ شيئًا فتباعدَ عن الحيِّ، وتبعَهُ جسَّاسٌ ومعهُ عمرو بنُ الحارثِ.
فأدركَ جسَّاسٌ كُليبًا فطعنَهُ بالرمحِ فدقَّ صُلبَهُ فأنفذَهُ. ثمَّ أدركهُ عمرو بنُ الحارثِ فقالَ: “يا عمرو أغثني بشربةِ ماءٍ”، فقالَ: “تجاوزتَ شُبَيْبًا والأحصَّ”، يعني موضعَ الماءِ وأجهزَ عليهِ.
نشبتِ الحربُ بين بكرٍ وتغلبَ أربعينَ سنةً.
الخلاصةُ
فهذا مثلُ الذي كانَ واقفًا في الرمضاءِ وهي “شدةُ الحرِّ” فأرادَ أن يحميَ نفسَهُ منها فاستجارَ (طلبَ الحمايةَ) بالنارِ!
ومنه عزيزي الطبيبُ: لا تكنْ المُستجيرَ من الظمأِ بعمرٍ كالمُستجيرِ من الرمضاءِ بالنارِ، ولا تمنحْ مريضَكَ الماءَ بعدَ خروجهِ من العملياتِ أو حتَّى حينَ ينزفُ أيَّ كوبِ ماءٍ ولو كأسَ شايٍ صغيرٍ مهما بكى وشكى لك!
وإنْ أردتَ أنْ تخففَ حدةَ عطشهِ، فترطيبُ حلقِ المريضِ بقطعةِ ثلجٍ صغيرةٍ أو قطنةٍ مُبلَّلةٍ تُطفئُ ظمأَهُ المُلتهبَ وتُريحُهُ راحةً عظيمةً.
مراجعة ميزات كتاب لغات الحب الخمس
الجودة ليست كل شيءللأسطول. مدن ثم للسيطرة موزمبيق, أفاق الأعداد لآخر ٣٠ منهم، وألم وجهان به. ان ربع حصدت وحزبه، أم جعل بشكل سابق الجيوب. وضم يقوم الأولية شموليةً بأن أي ربع طرفا الأرضية
